ٍٍ
حتى الأمس القريب كنا نسمع الكثير من السياسيين الذين كانوا خارج الحكومة يقيمون الدنيا ولا يقعدوها بانتقادهم ممارسات السادة المسئولين في الدولة ووصل بهم الأمر ان يجعلوا منها واجهة لدعايتهم الانتخابية عندما أشاعوا لناخبيهم ثقافة نقد ممارسات رجال السلطة في الحكومة وأنهم قادمون لتغيير الأوضاع ، بدءا من وعودهم الناخبين بالعمل لإيقاف نزيف استباحة موارد وأموال الدولة جراء نفقات يستهلكها السادة المسؤولين من أموال الشعب ناهيك عن وعودهم الصارخة لإيقاف تضخم حجم الرواتب الانفجارية التي يتقاضونها وضخامة مخصصات الرئاسات الثلاثة، ومرورا على انتقادهم المستمر لسلوكيات وممارسات وتجاوزات المسؤولين على حرية المواطنين من خلال ضجيج مواكبهم وتصرفات حمايتهم غير المسؤولة في الشوارع ، كل تلك الانتقادات وغيرها كانت تشد المستمع لهؤلاء المسؤولين وتبشر الناخبين الذين حلموا بان مجيئهم للسلطة قد يغير الأحوال لكن تقفيا لقول شاعرنا أبو الطيب المتنبي
" ما كل ما يتمنى الناخبون يدركونه... تجري أهواء المسؤولين بما تشتهي مصالحهم"
وعذرا فهؤلاء السادة اختبرت تصريحاتهم ووضعت على المحك عندما تبؤوا مكانهم في البرلمان وقعدوا على مقاعده حتى بدا السلوك العكسي لما بدر من تصريحاتهم وبدأنا نلمس منهم ما يخالف النوايا الصادقة لاختبار صدق تلك التصريحات .
والشيء بالشيء يذكر كنا نلاحظ وربما جميع العراقيين معنا لاحظوا ان السيد "أسامة النجيفي" كان من رهط السادة المنتقدين ، بل أشدهم انتقادا لظواهر التعسف الذي يلحق بالمواطنين بسبب مواكب السادة المسؤولين ومبالغاتهم في مواكبهم وتحركاتهم التي تضج منها شوارع العاصمة ناهيك عن سعة الأموال التي تصرف على مركباتهم وهدر بالأموال التي تخصص لحمايتهم وكنا نرى في هذه التصريحات ما يبرهن على ان الرجل حين يستوزر آو يكون له عنوانا في السلطة سيبادر الى وضع حد لهذه الممارسات ،أو على الأقل ان يكون قدوة للآخرين بالالتزام والضبط ، واستبشرنا خيرا ونحن نرى الرجل يتبوأ مكانا مهما وسياديا في البلد وهو "رئيس البرلمان" وأدركنا ان الرجل سيسعى وهو بهذا الموقع ان لا يكتفي بإلزام نفسه بسياقات الضبط .. بل ان مسؤولياته تحتم عليه ان يبادر من موقع الواجب الذي كلف به أمام الشعب مجابهة هذه الخروقات والتجاوزات وان يبدأ بتعطيلها بسلطته تحت قبة البرلمان ويدعوا البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين إلى الالتزام الصارم بها ويبادر الى إقرار مشروع قانون تخفيض رواتب السادة الوزراء والنواب الانفجارية التي تمددت على حساب رواتب الموظفين التي اصبح بينها وبين رواتب الموظفين في مختلف القطاعات بونا شاسعا لا يمكن مقارنتها ، كما انه سيعمل على إيقاف سعة تمدد حمايات السادة النواب طالما ان الوضع الأمني يشهد تحسنا واضحا يكون من الواجب معه تخفيض حجم الحمايات تدريجيا، ويقف بالضد مما تسببه مواكبهم من إزعاج للناس في الشوارع...
لكن يبدوا ان الوصول الى المبتغى والجلوس على الكرسي كثيرا ما يسقط رهان الحالمين و سرعان ما يسقط التصريحات والنوايا أرضا وتضعها على محك كشف الحقيقة بين طموح المرء وواقعه وتطبيقه لأقواله..
فالرجل لم يكتف وهو رئيس للبرلمان بان يحتفظ بموكب سلفه ، بل زاده عددا وعديدا !!!
والأدهى من ذلك صرنا نرى تقليعة جديدة صارت مثار تندر كل سكان المنطقة الخضراء الذين بات يأخذهم العجب من ممارسات القائمين على حماية "رئيس البرلمان"، الذي جرت العادة يوميا على اقتطاعهم الطريق والشوارع المؤدية من مكان سكناه الى موقع عمله، صباحا ومساء بعد ان يلغم الطريق بالعسكر المدججين بالأسلحة، يحرسون ويراقبون مداخل الشوارع في المنطقة الخضراء ،ويمنعون أي احد من الحركة أو المرور ووجوههم وأسلحتهم باتجاه البيوت والناس وحين تستفسر من احدهم عن سر ما يحصل يأتيك الجواب سريعا وبلهجة حازمة وصارمة "الرئيس قادم"!!!!
واع