وعادت بيعة الغدير لتوقظ الضمير

وعادت

بيعة الغدير لتوقظ الضمير

خلق الله العباد ليذكروه ورزق الله الخليقة ليشكروه ، فعبد الكثير غيره ، وشكر الغالب سواه ، لأن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة على النفوس ، فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد نكروا عرفان الله ونبيه الكريم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأحرقوا إحسان النبي ، ونسوا معروفه ، بل ربما ناصبوه العداء ، ورموه بمنجنيق الحقد الدفين ، لا لشيء إلا لأنه أحسن إليهم { وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ } التوبة74 ذلك الفضل العظيم والنعماء الجزيل, الذي يغني الإسلام والمسلمين من أن يفتقروا لأمة من الأمم, بل لكانت على مقدمة الأمم وشعوبها من حيث الكمال والتمام لو بقيت على عهدها وميثاقها الذي تجلى في (بيعة الغدير), بيعة العهد والميثاق,والبلاغ المبين ,والعصمة من الكافرين والمنافقين,التي يصادف تأريخها في الثامن عشر من شهر(ذي الحجة,الإمامة والولاية),أمل الأنبياء والمرسلين,والأوصياء الطاهرين,ولا سيّما زعيمهم الخاتم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي وقف ذلك الموقف الرهيب الشديد ليعلنها للأمة تحت هجير الشمس وحرارة أشعتها, فبعد أن نزل عليه الوحي ,بآية البلاغ وهو قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67 كما أكدته كتب المسلمين وتناقلته حقب التأريخ على(( أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن نزل الوحي عليه جمع الصحابة وكان عددهم ما يقارب بين الثمانين ألف أو مائة وعشرون ألف كما ذكرت ذلك الأخبار والروايات الصادرة من كلا الفريقين, وأخذ يخطب فيهم وهو يكرر عليهم قوله(عليه وعلى آله أفضل الصلوات والتسليم),( الست أولى بكم من أنفسكم )؟ وهم يجيبون بالتصديق والاعتراف ثم رفع يد علي وقال : ( من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم وال من والاه , وعاد من عاداه , وأحب من أحبه , وأبغض من أبغضه, وانصر من نصره , وأخذل من خذله,وأدر الحق معه حيث دار)بعدها اخذوا الصحابة يهنئون أمير المؤمنين علي(عليه السلام)كل يقول له (بخ بخ لك يا بن أبي طالب لقد أصبحت أمير كل مؤمن ومؤمنة)وكما يتجلى هذا المعنى في قول النبي الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة)وتعال أخي القارئ الكريم ودقق معي وطالع سجل الأمة الإسلامية المشهود ، فإذا في فصوله وحوادثه قصة أب ربى ابنه وغذاه وكساه وأطعمه وسقاه ، وأدبه وعلمه ، وسهر لينام ، وجاع ليشبع ، وتعب ليرتاح ، فلما خط شاربه وقوي ساعده ، أصبح لوالده كالكلب العقور ، استخفافاً وازدراء,ومقتاً واستهزاءاً، وعقوقاً صارخاً ، وعذاباً وبيلاً.واليوم عادت بيعة الغدير وهي تفتش عن الضمير الإنساني في مجالس السياسة والدين وحلقات طلاب الواجهات الدينية والرياسة الدنيوية بعد أن شوهت معالمها وزيفت مناهجها وسفكت دماء ورثتها بالحق وشرد وغيب وضيع واغتصب حقها منذ قرون من قبل أدعياء العلم والاجتهاد , ولا تزال تفتش عنه بين رجال الدين والتدين(إلا من رحم الله) فرأتهم يتاجرون بعقول الناس في أسواق الجهل الأعمى,ورأت كلاً منهم قد ثغر له في كل رأس من رؤوس الأمة فجوة ينحدر منها إلى الأخلاق فيفسدها,والمشاعر فيقتلها, ليتوصل بذلك إلى ذخائر الأموال ومعادن النفوس فيسرقها ويسلبها,وخزائن العقول فيستغلها ويسخرها, تحت شعار الدين والمذهب !!!عادت بيعة الغدير وهي تفتش عن الضمير لتوقظه من سباته الطويل في كل مكان تعلم تربته وموطنه فلم تعثر عليه إلا عند ألأندر من هذه الأمة وهم ألأقل ألأقل من القليل,حتى عقد رياء الناس أمام أعيننا سحابة سوداء أظلمت لها أبصارنا,وما أن نجد في صفحة السماء نجماً لامعاً ولا كوكباً متألقاً فسرعان ما تكشر عليه أنياب الدجالين وأقوال الأفاكين زوراً وبهتاناً ,ليذبحوا الأمل في نفوس الأمة وليقتلوا ضميرها الإنساني, الذي حاول ويحاول أن ينقذها من هذا السفال الذي قبعت فيه منذ شهادة نبيها ورسولها محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) ليجعلوا منها أن تقف وقفة الخصوم والأعداء ضد صاحب البيعة والميثاق الأحق بها دون غيره وهو المعصوم أومن ينوب عنه(الأعلم )من بين علماء الأمة,وهذا هو الخط المنهجي الذي وجدت لأجله أسباب نزول آية البلاغ التي خصت بها أمير المؤمنين علي(عليه السلام) لكونه اعلم الأمة بأمور دينها ودنياها ,فكان جديراً بهذه المرتبة الإلهية وحقيقا على الله سبحانه وتعالى ان يخص بها (علي سلام الله عليه) دون غيره من الصحابة المنتجبين ,وكذلك ألأئمة من ولده الذين خصهم الله جل وعلا بالعلم والمعرفة لتجري عليهم هذه السنة التي خطها لهم الباري ليكونوا أولى الناس بالبيعة والعهد والميثاق لأنهم هم الأولى بها دون غيرهم ,وهم أولى الناس بأنفسهم ,وتلك هي نعم الله على هذه الأمة كما يتجلى ذلك في قوله تعالى(وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة)والنعم الظاهرة هم آل محمد(عليهم السلام) والباطنة هو إمامنا الغائب المهدي(عليه السلام) الذي تستمر من اجله هذه السنة التي أقامها الله ورسوله منذ فجر الإسلام الأول وجعلها من اكبر الأعياد الخاصة بأمة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)كما يتجلى هذا المعنى في قوله تعالى (ولتكون عيداً لأولنا وآخرنا) فلتكن البيعة والعهد والميثاق لبقيتهم وثمرة جهادهم وخاتمهم (الأمام الحجة بن الحسن المهدي عليه السلام) أو من يمثل النيابة عنه حال زمن غيبته حقاً وصدقاً,ولا تجعلوا ضمائركم في غفلة عنها ,بل علينا جميعاً أن ندرك حقيقة هذا العيد الأكبر وكيف نتعامل مع هذا الواجب المقدس اتجاه من يمثل البيعة الحقيقية التي من خلالها ننتصر للمعصوم ونعيد نظارة بيعته وبيعة جده أمير المؤمنين علي(عليهما السلام) ولتحيى ضمائرنا لكي تقودنا إلى هذا الهدف الإلهي الأسمى,(بيعة غدير خم) التي لا تزال تعاني سلب نفسها ونفاسها,واعلموا إن ما من حق متصل بالله عز وجل إلا وكان علياً معه فكل من يبايع الحق وأهل الحق فهو يبايع علياً (عليه السلام) لأن علي مع الحق والحق مع علي)فيجب على الأمة أن تجدد بيعتها لصاحب الحق والداعي إلى الحق والممهد إلى الحق حتى لا تكون ممن كان قد نكث الأيمان ونقض العهود في زمان علي(عليه السلام) وتلك هي غنيمتكم من الله ورسوله أن تجتهدوا في نصرة دين الله ومذهب أمير المؤمنين علي(عليه السلام),ولا تكونوا مصداقاً لقوله تعالى(ولا تكونوا أول كافر به)...